الأربعاء، 13 يونيو 2012

التقدير للبرادعى ..والاحترام لموسى .. والحب لصباحي


بقلم مهندس / محمود همام
  نقلاً عن جريدة المسائية                                                                                      
       * في قراءة متأنية للنتائج الأولية لانتخابات الرئاسة المصرية ، نجد أنها أوصلتنا إلى طريق مسدود ملغوم بالمشكلات والنزاعات القضائية والإختلافات الشعبية ، وتسببت في صداع وتصدع الشعب المصري بتزامنها مع إمتحانات الثانوية العامة الصيفية الساخنة التي تشكل أصلاً الصداع المزمن في رأس الأسرة المصرية المثقلة بالهموم ، لتضع شعب مصر كله في حيرة وارتباك بين مطرقة النظام القديم الغاشمة وسندان التيار الديني المتسلط ، بعد خروج المرشحين المحسوبين على الثورة من السباق الرئاسي ، بسبب إختلافاتهم وتفتيت أصوات ناخبيهم الشرفاء ، وكأن الثورة لم تتعظ من عدم وجود رأس لها أو تأسيس حزب أو منظمة سياسية تعبر عنها وتتبنى أهدافها وتجنبها العثرات التي تعطلها عن السير بقطار الثورة إلى مبتغاة من العيش في حرية وكرامة وعدالة اجتماعية .
* وزاد الطينة بلة ، وقع الصدمة على شعب مصر بمسلسل أحكام البراءة للقتلة والمجرمين وتشويه وسجن الثوار تأصيلاً لمبدأ البراءة للمفسدين والفاسدين والموت للأحرار والثوار ، وأوصلتنا إمتحانات الإعادة والتحسين إلى الحقيقة المصرية المرة : هذا لا أريده وهذا لا أحبه ..، في ظل غياب العقل المصري وأدمغة النخبة والمثقفين والمبدعين والمبعدين عن الحراك رغماً عنهم أو بإرادتهم ، ويجب علينا أن نؤكد على الحقيقة الدامغة بأن ثورة رائعة شعبية قامت في مصر ولا رجعة عنها ، وعلى المؤمنين بها أن يدعموها وينقذوها من الأيدى العابثة المقاومة ومن الثورة المضادة التي تعمل مع قوى خفية معلومة على جر البلاد إلى الخلف حيث الدمار والخراب ، فالثورة مستمرة وتنتقل من مرحلة إلى أخرى بقوة الدفع الثوري ، وقودها المزيد من دماء الشهداء والجرحى ، وشعب ذكى بحجم مصر الزعيمة يعرف من هم أعداؤه وأعداء ثورته ، فليس شئ على الشعوب بسر والنصر في النهاية للشعوب .
* وعلى الشاطئ الأخر نرى الوجه المشرق والمضئ للديمقراطية ، والباعث على الأمل في مستقبل واعد جميل ، متمثلاً في ثلاث شخصيات مصرية بارزة :
1- الدكتور محمد البرادعى .. عراف الثورة وأول من بشر بهبوب رياح التغيير المصرية عندما أعلن قبل عامين من قيام الثورة عن انهيار النظام السابق المهلهل ، وهو الشخصية الملهمة والواثقة ولا يزال هو مصدر الدعم والإلهام لاستمرار الثورة وهو الذي طالب منذ البداية بدستور مؤقت ومجلس رئاسي (مدني + عسكري ) وحكومة وحده وطنية إنتقالية وهو الشخص الوحيد المتعفف وغير اللاهث للسعي أو الوصول إلى أي منصب علوي ، فهو قامة أعلى من كل المناصب ، له من الجميع كل التقدير على نظرته الثاقبة ورؤيته المستقبلية الشاملة ومواقفه الثابتة الصلبة رغم ما تعرض له من هجوم شخصي شرس من بعض القوى العالمة أو الجاهلة ببواطن الأمور .
2- السيد عمرو موسى .. أثبتت الأيام انه رجل دولة من الطراز الفريد ، تقبل النتيجة السلبية بسعة صدر وعقلانية ، رغم أنه ظل صاحب أعلى استطلاعات الرأي حتى اللحظة الأخيرة ، وبات مؤكداً أنه أحد أطراف الإعادة لا محالة ، ويزداد إحترامنا له بإعلانه أنه باق في مكانه على الساحة مكملا مشواره السياسي مشاركاً فاعلا لإنجاح ثورة الشعب ، ليضرب المثل والنموذج المحتذى في السلوك وصاحب الموقف الأكثر احتراماّ .
3- المناضل حمدين صباحي .. الرجل الإعلامى المصري البسيط القادم من قاع الريف المصري عاش على أرضه وشرب من ماء نيله وتلقى تعليمه في مدارس وجامعات مصر الحكومية ، وأصبح نموذجاً للإنسان المصري الذي هو من الناس وهم منه ، يحس بآلامهم ويعبر عن أمالهم وأحلامهم ، جاء من رحم الثورة ومن قلب الميدان ، ممثلا شرعيا ً للثوار مؤمناً بالثورة ومحافظاً عليها ، واستطاع ببساطته وإخلاصه وذكائه أن يصل إلى قلوب الناس في سهولة ويسر ، فكان صاحب أعلى الأصوات في العاصمة القاهرة التي هي كل مصر ، وكذلك العاصمة الثانية الأسكندرية الجميلة ، ومحافظة بورسعيد الباسلة إضافة إلى محافظته كفر الشيخ الواعدة ، إن ما جمعه حمدين صباحي من حب الناس والتفافهم حوله مكسب عظيم لا يقدر بمال الدنيا كلها ، وتكتمل الفرحة بأن الفائز بكل هذا الحب من شعبه هو صاحب أفقر حملة انتخابية مادية وبشرية ، ويتحمل هو ومن حوله من الرجال المخلصين مسئولية وأمانة الحفاظ على هذا الحب الكبير.
* وإذا كنا قد رصدنا هذه المواقف والنقاط المضيئة في مشوار الديمقراطية المتخبط الطويل فإن هذا لا يبعدنا عن الإحساس بأن بلدنا الحبيب مصر تمر بمرحلة استثنائية حرجة ، وأن الخطر يحدق بها من كل صوب ، ورغم سيطرة مشاعر الحزن واليأس فإن الثورة الشعبية مستمرة ، وأن للثورة شعب يحميها بإرادة الله ، لقد كسرت مصر القيود وتم الإفراج عن شعبها الذي يتوق إلى الأفضل بالتغيير دون خوف ، وعلى المرشحين للإعادة في سباق الرئاسة أن يتقيا الله في الشعب ويغلبا مصلحة الوطن العليا على كل المصالح ، بالتقارب والتسامح والتوافق مع القوى السياسية المدنية الفاعلة ، ولتبدأ كل الأطراف بالتنازل مهما عظم واقتسام المسئولية والمكاسب كشركاء أصليين في وطن واحد طواعية ، من أجل المصلحة العامة وحقناً لدماء الشعب الطاهرة واحتراماً لأرواح الشهداء ومنعاَ للفوضى التي تهدد كيان الدولة للوصول إلى مخرج مما نحن فيه ، فإن في ذلك الخير الكثير للأم مصر ولسوف يقدر لكما شعب مصر هذا الموقف أيما تقدير والناس مواقف ، ولنكن جميعاً مع خيار مصر الثورة التي هي ثورة شعب متحضر ذكى ، قدره الوقوف في وجه الثورة المضادة والتصدي للالتفاف عليها وسرقتها ومعه قواته المسلحة العظيمة ، الحصن الحصين الأول للوطن الباقي والخالد ، تحيا مصر وكلنا إلى زوال .